فتاة بوسطن (1)
في مدينة بوسطن شبه الجزيرة الصغيرة التي تقع في ولاية ماساشوستس على سواحل المحيط الأطلسي .. تلك المدينة التي تعتبر من أهم وأقدم المدن في الولايات المتحدة الامريكية كانت تعيش فتاة امريكية تدعى وينترا (wyntra) وكانت واحدة من بين 600 ألف أنسان يعيش في هذه المدينة الصغيرة.
بطلة قصتنا وينترا (فتاة بوسطن) هي في الأصل من سكان نيويورك فهناك ولدت وهناك ترعرعت وعاشت طفولتها, ولكن حينما تصل لسن معينة في أمريكا فتذكر أنه لا مجال ولا فرصة لأن تبقى في نفس المكان الذي ترعرعت فيه فالظروف سوف تجبرك على مفارقته رضيت أم أبيت وقلما تجد أحد يبقى في بيته الأول باستثناء سكان القرى الريفية من رعاة بقر ومن هنود حمر ولاشك ان هذه الفئة قاربت على الفناء ..فأمريكا الصاخبة لم تتسع حرياتها لأولئك الهنود الحمر وعجزت تلك الحريات المطلقة أن تضمن بقاء هذا الجنس وتلك الحياة الهادئة والجميلة التي يعيشونها ..
وينترا كانت من أحفاد الأوربيين القدامى الذي اكتشفوا هذه القارة الامريكية بقيادة البحار كولمبوس ... وبما أنها من أحفاد هؤلاء المهاجرين الرحالة فأنها من أولى الناس بالابتعاد عن المنزل الذي ترعرعت به بل والهجرة عن المدينة التي ولدت فيها في سن مبكر ,لربما كان للظروف دور في انتقالها ولكن لاشك ان للصبغات الوراثية التي ورثتها من جدها كولومبس الدور الأكبر في ذلك.
قررت ونترا الرحيل إلى مدينة بوسطن المدينة التي لا تبعد كثيرا عن مسقط رأسها نيويورك ..والكل يعلم أن مدينة بوسطن تعج بالعلم والعلماء والجامعات والمعاهد التي لا تعد ولاتحصى ...ولاشك أن وينترا لم تختار الرحيل إليها عبثا أو فقط لكي ترحل عن صخب المدينة الكبيرة نيويورك بل كانت ترجوا أن تجد هناك فرصة ومكان شاغر في أحد المعاهد لتكمل بها دراستها بعد الثانوية ومن ثم لعلها بعد ذلك تجد فرص وظيفية جيدة في هذه المدينة الهادئة نوعا ما..وكان لها بعضا مما أرادت.
وسرعان ما تكيفت وينترا مع مدينتها الجديدة واستقرت فيها _رغم الضروف الصعبة التي واجهتها في البداية_ ..ولكن قاومتها و استمرت تعيش في هذه المدينة حتى الأن
وفي أحد الليالي الهادئة في مدينة بوسطن وبينما كانت ونترا في شقتها الصغيرة مستلقية على سريرها وجدت نفسها تتناول وجبة العشاء مع افراد عائلتها في اجواء حميمية وجميلة ما أروع هذه اللحظات وماأحلاها من اوقات ولكن لو كانت واقع ولم تكن حلم .. وتبا فالحلم ايضا لم يطل فجرس الساعة لم يسمح باستمرار هذه اللحظات الجميلة ولو كانت كحلم ...فلقد ايقضها ليعيدها لواقعها المرير...وكأن الجرس يشدو بهذه النغمات : مازلتي وحيدة.. مازلتي ضائعة ..مازلتي خائفة .. مشتتة..فقيرة ..الخ
رفعت احدى جفونها بصعوبة وامالت بعينها لترى ساعات الشؤم التي ايقضتها فوجدت ان الساعة تشير الى الثامنة صباحا ... ترددت في النهوض من سريرها الصغير فهذا الوقت لا يعنيها الان .
في الامس كانت الساعة الثامنة هي موعد مهم فهو موعد ذهابها الى العمل ، اما اليوم وبعدما تفاقمت الازمة الاقتصادية في الولايات المتحدة الامريكية مما اثر على جميع الشركات في التسعين ولاية ومما اجبر الكثير من الشركات على التخلي عن الكثير من الموظفين لسيما الجدد ضعيفي المؤهلات وقليلي الخبرة من اجل توفير مادة وأموال تستطيع الشركة تسيير امورها به ولا يهم ابدا هنا تلك النفوس التي سوف تقطع ارزاقها ولا يهم كم ضعيف سيسقط فالاهم ان لا تتذبذب ارباح الشركة اكثر فتذبذب ارباح الشركة هذا يعني استمرار تذبذب الاقتصاد الامريكي وتذبذب امريكا من ناحية اقتصادية يعني قرب اجلها و سقوطها كحاكمة للعالم.
ومن ضمن هذه الشركات التي قامت بهذا الاجراء الاحترازي الشركة الصغيرة الموجودة في ولاية بوسطن التي تعمل بها وينترا لقد كانت واحده من المطروديين من العمل بل من أول من وقع عليهم الاختيار القمعي فهي جديدة وصغيرة في العمر ومؤهلتها لا تسمح لها فهذه هي سنتها الثانية في الشركة وعمرها لم يتجاوز ال22 ومؤهلها دبلوم.
وهذه السنة الرابعة لوينترا في بوسطن وهذه السنة الأولى لها في شقتها الجديدة والصغيرة والتي استأجرتها فور قبولها في أول هذا العام في أحدى الشركات بأحدى الوظائف وبراتب مقبول نوعا ما ..وكانت قبل هذا تعيش في سكن مشترك تابع للمعهد الذي كانت تدرس فيه.ولكن يبدوا أن على وينترا مع هذا الصباح وبعد أن تأكد فصلها أن تعيد حسابتها وان تفكر بجدية في مستقبلها وأن تبحث عن وظيفة جديدة كي تتمكن من دفع ماتبقى من أجار لهذه الشقة ولكي تستطيع تدبير باقي مصاريفها وعليها ربما أن تفكر و بجدية بالبحث عن سكن مشترك وإلا سيكون مصيرها إلى التشريد والضياع كحال باقي أمريكا ..(أو بالاحرى كحال نصف أمريكا التي لانعرفها)
ظلت وينترا شاردة الذهن وبدأت عينها تنهال دموعا فالرجال الشداد بمثل موقفها ربما لايتمالكون أنفسهم ,فما بالكم بفتاة في مقتبل العشرين وماظهر لكم من حالها .. فلا عجب لوعلمتم أن الدموع أشتدت أنهمارا من عيناها العسليتين حتى أنها اتصلت مع نهر تشارلز الذي يصب في مدينة بوسطن ..بل ربما أن تلك الدموع الغزيرة امتزجت مع مائه حتى أن من يرد إلى الماء يجد أنه أصبح ملح اجاجا بعدما كان عذب فرات.
((نهاية الجزء الأول))
انتهى الجزء الأول.. ومحتار هل أكمل القصة وهل حقا تستحق تلك الحكاية أن أجتهد فيها وأدفع الكثير من الوقت لتتحول إلى رواية ..أم أن من الأفضل أن تكون حكاية وينترا حبسية في الصدر وان أكتفي في هذا الجزء..
على يقين أن وينترا كانت تحلم أن تكون في يوم ما بطلة أحدى القصص الروائية واظن انها حدثتني عن ذلك كثيرا..
لكن ما أخشاه أنها لم تكن ترغب أن يكون (عبدالسلام )الكاتب الذي يكتب قصتها..أو بمعنى أخر أن (عبدالسلام) ليس بذاك الكاتب المحترف والماهر القادر على أن ينقل أحاسيسها ويسجد معانتها بالشكل الذي كانت تتمناه.
ما رأيكم أنتم بهذا؟ هل أكمل الحكاية ؟هل تشعرون ان بعض من احاسيس وينترا قد وصلت اليكم؟؟ هل تشعرون ان وينترا تستحق ان اجتهد في الكتابة من أجلها..وهل أنا حقا قادر على تكليل ذاك الأجتهاد في قصة ترضي وينترا؟
((بالطبع رأيكم ليس اهم من رأي وينترا ..ولكن يا اسفاه لا سبيل الان للوصول الى وينترا..ربما في النهاية من يدري !!))
بقلمي ..عبدالسلام..أبو فهد